انتقاد العلّامة المعلمي
طريقة معظم المتأخرين في نقدهم الأحاديث
وفي احتجاجهم بها أو ردِّهم لها
الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على صدر الرواة وبدر الثقات الأرفع الأكرم، أوثق من روى، وأعدل من حكَم، وأهدى من دعا، وأحكمِ من علّم، وأحرص من أوصى، وأصدق من تكلّم، من به الأنبياءَ خَتم، نبيِّنا محمدٍ، وعلى سائر النبيين والصحب والآل وأتباعهم الصادقين، ممن تأخّر أو تقدّم؛ وبعد...
قال العلّامة المعلمي رحمه الله تعالى في (رفع الاشتباه عن معنى العبادة والإله وتحقيق معنى التوحيد والشرك بالله) (ص155) وما بعدها/ المكتبة العصرية/:
(وكثيراَ ما يحتج أهل زماننا، وما قرب منه، بآيات من كتاب الله تعالى ويفسرونها برأيهم بما لم ينقل عن السلف ولا تساعده العربية ولا البلاغة القرآنية.
وقد عظم البلاء بذلك حتى أنك لتجد العجمي الذي لا يعرف من العربية إلا بعض المفردات ولا يستطيع أن يكتب سطرين أو ثلاثة بدون لحن، وهو يفسر القرآن برأيه.
وهكذا يصنعون بالأحاديث الثابتة؛ مع أنهم يشددون النكير على مخالفهم إذا احتج عليهم بآية أو حديث وأوضح تفسيرها بالحجج الصحيحة ونقل عن تفسير السلف ما يوافق قوله أو يشهد له؛ ويقولون: إن الفهم من الكتاب والسنة خاص بالمجتهدين.
فإما إذا خالف أحد قول إنسان يعتقدون فيه الإمامة أو الولاية، فأنهم يكفّرونه، أو يضللونه ويشددون عليه النكير، ويقولون: انظروا إلى هذا الضال المضل يزعم أنه فهم من الكتاب والسنة ما لم يفهمه الإمام فلان، أو الشيخ فلان، أو نحو ذلك.
ومن البلاء العظيم أن هؤلاء الجهال هم في نظر العامة هم الرؤساء في الدين، وذلك مصداق حديث (الصحيحين) عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يُبقِ عالماً اتخذ الناس رؤساء جهالاً فسُئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلّوا).
نعم، قد بقي في الناس أفراد من العلماء مصداقاً لحديث (الصحيحين) (لا تزال طائفة من أمتي قائمة على الحق)، وهو مبيّن لحديث ابن عمرو، والله أعلم.
ولكن يكاد يكون وجود أولئك الأفراد كعدمهم، لأنهم غرباء، لا ترى العامة إلا أنهم مبتدعون ضُلّال؛ والرياسة الدينية بيد غيرهم.
والمقصود ههنا النصيحة للمسلمين أن لا يغتر أحد منهم بأحد ممن يحتج بالكتاب والسنة على الأمور المشتبهة؛ وعليه أن ينظر لنفسه، إن كان أهلاً، أو يطلب العلم لتصير له أهلية، أو يعمل بالاحتياط فإنه لا عُسْرَ فيه؛ والله أعلم.
وكثيراً ما يحتجون بالأحاديث الموضوعة والضعيفة، وكذلك بالآثار المكذوبة عن السلف، أو التي لم تصح.
فمنهم من يكتفي بذكر الحديث أو الأثر ونقلِه عن كتاب معروف، ولا يبين حاله من صحة وعدمها، إما لجهله بهذا العلم الجليل، وهو معرفة علوم الحديث، وإما لأنه لما رأى ذلك الحديث أو الأثر موافقاً لهواه اعتقد صحته؛ وإما لغير ذلك.
ومنهم من يحكي عن بعض المتأخرين، كالسبكي وابن حجر وابن الهمام والسيوطي ونحوهم، أنهم صححوا ذلك الحديث أو الأثر، أو حسنوه؛ ويكون جهابذة العلم من السلف قد ضعفوا ذلك الحديث أو حكموا بوضعه، وهم أجل وأكمل من المتأخرين، وإن كان بعض المتأخرين أولي علم وفضل وتبحر؛ ولكننا رأيناهم يتساهلون في التصحيح والتحسين، ويراعون فيهما بعض أصول الفن ويغفلون عما يعارضها من الأصول الأخرى؛ وفوق ذلك أن السلف كانوا أبعد عن الهوى.
ومن هنا قال ابن الصلاح: " إن باب التصحيح والتحسين قد انسد، ولم يبق فيهما إلا النقل عن السلف".
وهذا القول[يعني قول ابن الصلاح]خطأ، ولكنه يعين على ما نريده؛ وهو وجوب الاحتياط فيما يصححه المتأخرون أو يحسنوه.
وهكذا جماعة من المتقدمين لا يغتر تصحيحهم ؛ كالحاكم، وابن حبان، بل والترمذي، ولا سيما تحسينه.
وهؤلاء أئمة كبار؛ ولكن الحاكم كان همه في كثرة الجمع، ليرد على من قال من المبتدعة: إنه لم يصح عند أهل الحديث إلا ما في (صحيحي البخاري ومسلم)، كما ذكره في مقدمة (مستدركه)، فجمع ولم يحقق ولم ينتقد، وكان عزمه أن ينظر في الكتاب مرة أخرى ليخرج منه ما ليس من شرطه، ولكنه لم يتمكن من ذلك، كما ذكره السخاوي في (فتح المغيث).
وقد انتقد أحاديثه الذهبي وابن دقيق العيد، وطبع كتاب الذهبي مع (المستدرك) ولكني وجدته يتسامح أيضاً، فكثيراً ما يكون في الحديث رجل مدلس ولم يصرح بالسماع؛ أو رجل اختلط بأخرة، وإنما أخرج له الشيخان في (صحيحيهما) عمن سمع منه قبل اختلاطه؛ أو رجل ضعيف قد انتقد الأئمة مسلماً أو البخاريَّ في الرواية له في (الصحيح).
ومع هذا يسكت الذهبي عن بيان ذلك.
وهكذا يسكت عن علل أخرى تكون في الأحاديث؛ والله المستعان.
وأما ابن حبان؛ فمن أصله - كما نبه عليه في كتابه (الثقات) - أن المجهول إذا روى عن ثقة وروى عنه ثقة، ولم يكن حديثه منكراً؛ فهو ثقة، يذكره في (ثقاته)، ويخرج حديثه في (صحيحه)[في الأصل (صحاحه)]، ووافقه على هذا شيخه ابن خزيمة، إلا أنه[أي ابن خزيمة] أشد احتياطاً منه.
وكذلك الدارقطني.
ويظهر لي أن العجلي صاحب (الثقات) كذلك.
وهذا[يعني مذهب ابن حبان ومن وافقه] قول واه مخالف لما عليه جمهور الأئمة[كذا، ولعل الصحيح هو (العلماء) أو (النقاد) أو (أهل الحديث) أو نحو ذلك، بدل الأئمة]، والأئمة المجتهدون وجهابذة الفن.
والنظر الصحيح يأباه.
وأما الترمذي فله اصطلاح في التحسين والتصحيح؛ وهو أن الحديث إذا روي من طريقين ضعيفين يسميه حسناً، والأئمة المجتهدون وغيرهم من الجهابذة لا يعملون بهذا الإطلاق، بل يشترطون أن تحصل من تعدد الطرق - مع قوة رواتها - غلبةُ ظن للمجتهد بثبوت الحديث.
فإن لم تحصل هذه الغلبة فلا أثر لتعدد الطرق، وإن كثرت.
والمتأخرون يعرفون هذا الشرط، ولكنهم كثيراً ما يتغافلون عنه، وربما توهم أحدهم أنه قد حصلت له غلبة ظن؛ وإنما حصلت له[أي غلبة الظن] من جهة موافقة ذلك الحديث لمذهبه أو لمقصوده؛ والله المستعان).
بل إن في (الصحيحين) أو أحدهما أحاديث قد انتقدها الحفاظ، مثل حديث البخاري{حدثنا محمد بن عثمان حدثنا خالد بن مخلد حدثنا سليمان بن بلال حدثني شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن عطاء عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " إن الله قال: من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب؛ وما تقرب إليَّ عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه؛ وما يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أُحِبَّه؛ فإذا أحببُته كنتُ سمعَه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها؛ وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه؛ وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن، يكره الموت وأنا أكره مَساءته " }.
فهذا الحديث قد تكلم فيه الذهبي في (الميزان) في ترجمة خالد بن مخلد؛ وخالد بن مخلد قال فيه الإمام أحمد: له أحاديث مناكير؛ وقال ابن سعد: كان متشيعاً منكر الحديث في التشيع مفرطاً، وكتبوا عنه للضرورة[قلت: أي كتبوا عنه غرائبه التي لم يجدوها عند غيره، لحاجتهم إلى معرفتها، فكتابتها تفيد تحصيلها ومعرفتها، وذلك إذا انتهى التحقيق إلى قبولها ولو في الجملة، وهو بناء على عدم الجزم بحاله وعلى احتمال أن يظهر أنه قوي الحديث مقبوله؛ أو تفيد تحقيق أو تأكيد ضعفه، وذلك فيما إذا قامت القرائن على ترجيح ضعفه؛ فهذا القول من ابن سعد قريب من قول أبي حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به].
وقال صالح جزرة: كان ثقة في الحديث، إلا أنه كان متهماً بالغلو.
وقال ابن أعيُن: قلت له: عندك أحاديث في مناقب الصحابة؟ قال: قل لي: في المثالب، أو المثاقب!
وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به؛ وذكره الساجي والعقيلي في الضعفاء؛ وقال ابن معين: ما به بأس.
وحاصل القول فيه: أنه صدوق يهم ويخطئ، ويأتي بالمناكير، ولا سيما في التشيع، فإنه كان غالياً[في المطبوعة غالباً]فيه؛ ومثل هذا يُتوقف عما انفرد به، ويردّ ما انفرد به مما[في المطبوعة بما]فيه تهمة تأييد لمذهبه؛ وقد تفرد بهذا الحديث كما ذكره الذهبي وكذا الحافظ ابن حجر في مقدمة "الفتح"؛ وفي هذا الحديث تهمة تأييد مذهب غلاة الرافضة في الاتحاد والحلول، وإن لم ينقل مثل ذلك عن خالد؛ وقد أسندت إلى هذا الحديث بدع وضلالات تصطك منها المسامع؛ والله المستعان.
وفي سنده أيضاً شريك بن عبد الله بن أبي نمر، وحاصل كلامهم فيه أنه صدوق يخطئ.
وقال الحافظ في (الفتح) بعد أن نقل كلام الذهبي[أي في الحديث وراويه خالد] والكلام في شريك: (ولكن للحديث طرق أخرى يدل مجموعها على أن له أصلاً) (فتح الباري) ج11 ص270.
ثم ذكر الحافظ تلك الطرق، وعامتها ضعاف؛ إلا أنه ذكر أن الطبراني أخرجه من طريق يعقوب بن مجاهد عن عروة عن عائشة، وأن الطبراني أخرجه عن حذيفة مختصراً، قال: وسنده حسن غريب.
أقول: أما رواية حذيفة، فمع الغرابة، هو[يعني الحديث] مختصر؛ وكأنه ليس فيه تلك الألفاظ المنكرة؛ وينبغي[أي مع ذلك] النظر في سنده[أي فلا يكفي الاعتماد على تحسين الحافظ] فإن الحافظ ربما تسامح في التحسين.
وكذا ينبغي النظر في سند الطبراني إلى يعقوب بن مجاهد، فأخشى أن يكون فيه وهم، والمشهور رواية عبد الواحد بن ميمون عن عروة، وعبد الواحد متروك الحديث.
وبالجملة فاقتصار الحافظ على قوله (إن تلك الطرق يدل مجموعها على أن له أصلاً) ظاهر في أنه ليس في شيء منها ما يصلح للحجة، ودلالة مجموعها على أن له أصلاً لا يكفي[في] إثبات هذه الألفاظ المنكرة.
ولا يدل إيراد هذه الألفاظ[على] ما يزعم الملحدون[يعني المشبهة المجسمة، أو الطاعنين في الإسلام أو في السنة أو في (صحيح البخاري) بمثل هذا الحديث].
[فإن قيل]: لِم ذكر[البخاري] هذا الحديث في (صحيحه)؟ وهذا من المهمات[كذا، ولعل الصواب(وغيرَ هذا من المشتبهات)أو نحو ذلك]،[قيل: إنما رواه وأراد به معنى صحيحاً] فإن كثيراً من الأئمة قد يقبل الحديث لأنه يحمله[في الأصل يتحمله] على معنى له شواهد وعواضد، بمعونتها يستحق[في الأصل ليستحق] القبول، فيجيء بعض الناس[فـ]يحتج بالحديث على معنى منكر، قائلاً: قد قَبِله فلان من الأئمة! فليتنبَّه لهذا.
ومما ينبغي التنبه له أيضاً أن الشيخين – أو أحدهما – قد يوردان في (الصحيح) حديثاً ليس بحجة في نفسه، وإنما يوردانه لأنه شاهد لحديث آخر ثابت؛ ثم قد يكون في هذا الحديث - الذي ذكراه شاهداً - زيادةٌ لا شاهدَ لها؛ فيجيء مِن بعدهما[في الأصل (بعدها)] مَن يحتج به بالنسبة لتلك الزيادة؛ وربما حمل[أي ذلك المحتجُّ] الحديثَ على معنى آخر غير المعنى الذي فهمه صاحب (الصحيح) و[الذي] بنى[أي صاحب الصحيح] عليه أنه شاهد للحديث الآخر.
****************************** *****
ومن أهل زماننا وما قرب منه من يترقى فيذكر الراوي وبعض ما قيل فيه من جرح أو تعديل، ولكن كثيراً منهم أو أكثرهم يكون زمامه بيد الهوى، فإن كان الحديث موافقاً له نقل ما قيل في الرجل من الثناء وأعرض عما قيل فيه من الجرح؛ وإن كان مخالفاً لهواه نقل ما قيل فيه من الجرح وسكت عن الثناء؛ وأكثرهم ليس عندهم من التبحر في العلم وممارسة الفن ما يؤهلهم للترجيح ومعرفة العلل.
وأعظم ما عند أحدهم أن يتمسك بظاهر قاعدة من قواعد الفن؛ فإن كان الحديث موافقاً تمسك بقولهم: إن الجرح لا يقبل إلا مفسراًً، أو: إن كلام الأقران بعضهم في بعض لا يلتفت إليه، أو إن المتصلب في مذهب يجب التأني في قبول كلامه في أهل المذهب الآخر؛ أو نحو ذلك.
وإن كان مخالفاً له تمسك بقولهم: الجرح مقدم على التعديل، ونحوها.
فأما جهلهم بالعلل فحدث عنه ولا حرج؛ وغاية أحدهم أن ينقل عن بعض أهل العلم تعليل الحديث، أو يتنبه هو للعلة، إن تنبه؛ ثم يعمل في ذلك عمله في الجرح والتعديل، فإن كان الحديث موافقاً له تمسك بقولهم: المثبت مقدم على النافي، أو: زيادة الثقة مقبولة، أو: إن من الأئمة من يقبل المرسل والمنقطع مطلقاً، أو: إن تصحيح بعض العلماء للحديث يدلُّ أَنَّهُ علِمَ أن المدلس قد سمع الحديث ممن عنعنه عنه، أو يدل أن الراوي سمع هذا الحديث من شيخه قبل الاختلاط.
وإن كان مخالفاً له قال: إن النافي كان أحفظ من المثبِت، والساكتين جماعة والذي زاد واحد؛ وأعَلَّ بالإرسال والانقطاع وبعنعنة المدلس واختلاط الشيخ، ولم يعرّج على ما يخالف ذلك، أو أشار إليه[يعني إلى المخالف] ونقل ردَّه عن بعض العلماء، وهكذا.
وهذه القواعد منها ما هو ضعيف ومنها ما ليس بكلي ومنها المختلف فيه.
والعالم المتبحر الممارس(1)[يحقق القواعد ويُعمل كل قاعدة في الموضع اللائق بها وإنما يُعملها بالقدر الذي يقتضيه الحال، من غير إسراف ولا تفريط، مع مراعاة كل تعلقات القواعد الأخرى وتأثيراتها، ومع العدل والتثبت والتأني؛ والله الموفق والمستعان].
وبالجملة فمن أراد الاحتجاج بالحديث لا يستغني عن النظر في إسناده، بعد أن يكون له من المعرفة ما يؤهله لهذا الأمر؛ وإلا أوشك أن يضل أو يُضل؛ والله الموفق(2).
-------------------------------------------------------
(1)انتهت هنا صورة آخر صفحة من الصفحات الست التي صورها محقق الكتاب في مقدمته، وأحسبها آخر صفحة وجدت من صفحات القسم الأول من مخطوطة الكتاب؛ ولقد اجتهدت في إكمال معنى العبارة بما أراه أقرب إلى مقصود المؤلف، ووضعت التكملة بين حاصرتين؛ وانظر التنبيه الثاني، الآتي قريباً.
(2) هذه الجملة الأخيرة المكتوبة باللون الأحمر كانت خاتمة القسم المطبوع، فأخرتها أنا هنا إلى هذا الموضع، لتكون خاتمة المبحث كله، فهذا تصرف مني، فليعلم ذلك.
"
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛ ؛؛؛
تنبيهان:
التنبيه الأول:
كل ما هو موضوع بين حاصرتين مربعتين، فزيادة مني، والزيادات أنواع:
النوع الأول: يقتصيه السياق.
النوع الثاني: يقتضيه الإيضاح أو رفع الإشكال ودفع الاشتباه.
النوع الثالث: تنبيه على تصحيف ونحوه، وهذا النوع الثالث يليق أن يوضع في هامش المقالة، ولكني آثرت وضعه في المتن مع تمييزه عن الأصل.
التنبيه الثاني:
القسم الأخير من الفصل، وهو المكتوب بخط مكبّر، سقط من مطبوعة الكتاب! وإنما نقلته من صورة لهذا القسم، وضعها محققه في مقدمته (ص28-29)؛ فإنه صوّر في مقدمة الكتاب ست صفحات من مخطوطته، وهي الأربعة الأولى، والأخيرتان؛ وهذا القسم الذي استدركته هو الصفحة الأخيرة وأكثر التي قبلها؛ والحمد لله.
"
ملتقى اهل الحديث
طريقة معظم المتأخرين في نقدهم الأحاديث
وفي احتجاجهم بها أو ردِّهم لها
الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على صدر الرواة وبدر الثقات الأرفع الأكرم، أوثق من روى، وأعدل من حكَم، وأهدى من دعا، وأحكمِ من علّم، وأحرص من أوصى، وأصدق من تكلّم، من به الأنبياءَ خَتم، نبيِّنا محمدٍ، وعلى سائر النبيين والصحب والآل وأتباعهم الصادقين، ممن تأخّر أو تقدّم؛ وبعد...
قال العلّامة المعلمي رحمه الله تعالى في (رفع الاشتباه عن معنى العبادة والإله وتحقيق معنى التوحيد والشرك بالله) (ص155) وما بعدها/ المكتبة العصرية/:
(وكثيراَ ما يحتج أهل زماننا، وما قرب منه، بآيات من كتاب الله تعالى ويفسرونها برأيهم بما لم ينقل عن السلف ولا تساعده العربية ولا البلاغة القرآنية.
وقد عظم البلاء بذلك حتى أنك لتجد العجمي الذي لا يعرف من العربية إلا بعض المفردات ولا يستطيع أن يكتب سطرين أو ثلاثة بدون لحن، وهو يفسر القرآن برأيه.
وهكذا يصنعون بالأحاديث الثابتة؛ مع أنهم يشددون النكير على مخالفهم إذا احتج عليهم بآية أو حديث وأوضح تفسيرها بالحجج الصحيحة ونقل عن تفسير السلف ما يوافق قوله أو يشهد له؛ ويقولون: إن الفهم من الكتاب والسنة خاص بالمجتهدين.
فإما إذا خالف أحد قول إنسان يعتقدون فيه الإمامة أو الولاية، فأنهم يكفّرونه، أو يضللونه ويشددون عليه النكير، ويقولون: انظروا إلى هذا الضال المضل يزعم أنه فهم من الكتاب والسنة ما لم يفهمه الإمام فلان، أو الشيخ فلان، أو نحو ذلك.
ومن البلاء العظيم أن هؤلاء الجهال هم في نظر العامة هم الرؤساء في الدين، وذلك مصداق حديث (الصحيحين) عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يُبقِ عالماً اتخذ الناس رؤساء جهالاً فسُئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلّوا).
نعم، قد بقي في الناس أفراد من العلماء مصداقاً لحديث (الصحيحين) (لا تزال طائفة من أمتي قائمة على الحق)، وهو مبيّن لحديث ابن عمرو، والله أعلم.
ولكن يكاد يكون وجود أولئك الأفراد كعدمهم، لأنهم غرباء، لا ترى العامة إلا أنهم مبتدعون ضُلّال؛ والرياسة الدينية بيد غيرهم.
والمقصود ههنا النصيحة للمسلمين أن لا يغتر أحد منهم بأحد ممن يحتج بالكتاب والسنة على الأمور المشتبهة؛ وعليه أن ينظر لنفسه، إن كان أهلاً، أو يطلب العلم لتصير له أهلية، أو يعمل بالاحتياط فإنه لا عُسْرَ فيه؛ والله أعلم.
فصل
وكثيراً ما يحتجون بالأحاديث الموضوعة والضعيفة، وكذلك بالآثار المكذوبة عن السلف، أو التي لم تصح.
فمنهم من يكتفي بذكر الحديث أو الأثر ونقلِه عن كتاب معروف، ولا يبين حاله من صحة وعدمها، إما لجهله بهذا العلم الجليل، وهو معرفة علوم الحديث، وإما لأنه لما رأى ذلك الحديث أو الأثر موافقاً لهواه اعتقد صحته؛ وإما لغير ذلك.
ومنهم من يحكي عن بعض المتأخرين، كالسبكي وابن حجر وابن الهمام والسيوطي ونحوهم، أنهم صححوا ذلك الحديث أو الأثر، أو حسنوه؛ ويكون جهابذة العلم من السلف قد ضعفوا ذلك الحديث أو حكموا بوضعه، وهم أجل وأكمل من المتأخرين، وإن كان بعض المتأخرين أولي علم وفضل وتبحر؛ ولكننا رأيناهم يتساهلون في التصحيح والتحسين، ويراعون فيهما بعض أصول الفن ويغفلون عما يعارضها من الأصول الأخرى؛ وفوق ذلك أن السلف كانوا أبعد عن الهوى.
ومن هنا قال ابن الصلاح: " إن باب التصحيح والتحسين قد انسد، ولم يبق فيهما إلا النقل عن السلف".
وهذا القول[يعني قول ابن الصلاح]خطأ، ولكنه يعين على ما نريده؛ وهو وجوب الاحتياط فيما يصححه المتأخرون أو يحسنوه.
وهكذا جماعة من المتقدمين لا يغتر تصحيحهم ؛ كالحاكم، وابن حبان، بل والترمذي، ولا سيما تحسينه.
وهؤلاء أئمة كبار؛ ولكن الحاكم كان همه في كثرة الجمع، ليرد على من قال من المبتدعة: إنه لم يصح عند أهل الحديث إلا ما في (صحيحي البخاري ومسلم)، كما ذكره في مقدمة (مستدركه)، فجمع ولم يحقق ولم ينتقد، وكان عزمه أن ينظر في الكتاب مرة أخرى ليخرج منه ما ليس من شرطه، ولكنه لم يتمكن من ذلك، كما ذكره السخاوي في (فتح المغيث).
وقد انتقد أحاديثه الذهبي وابن دقيق العيد، وطبع كتاب الذهبي مع (المستدرك) ولكني وجدته يتسامح أيضاً، فكثيراً ما يكون في الحديث رجل مدلس ولم يصرح بالسماع؛ أو رجل اختلط بأخرة، وإنما أخرج له الشيخان في (صحيحيهما) عمن سمع منه قبل اختلاطه؛ أو رجل ضعيف قد انتقد الأئمة مسلماً أو البخاريَّ في الرواية له في (الصحيح).
ومع هذا يسكت الذهبي عن بيان ذلك.
وهكذا يسكت عن علل أخرى تكون في الأحاديث؛ والله المستعان.
وأما ابن حبان؛ فمن أصله - كما نبه عليه في كتابه (الثقات) - أن المجهول إذا روى عن ثقة وروى عنه ثقة، ولم يكن حديثه منكراً؛ فهو ثقة، يذكره في (ثقاته)، ويخرج حديثه في (صحيحه)[في الأصل (صحاحه)]، ووافقه على هذا شيخه ابن خزيمة، إلا أنه[أي ابن خزيمة] أشد احتياطاً منه.
وكذلك الدارقطني.
ويظهر لي أن العجلي صاحب (الثقات) كذلك.
وهذا[يعني مذهب ابن حبان ومن وافقه] قول واه مخالف لما عليه جمهور الأئمة[كذا، ولعل الصحيح هو (العلماء) أو (النقاد) أو (أهل الحديث) أو نحو ذلك، بدل الأئمة]، والأئمة المجتهدون وجهابذة الفن.
والنظر الصحيح يأباه.
وأما الترمذي فله اصطلاح في التحسين والتصحيح؛ وهو أن الحديث إذا روي من طريقين ضعيفين يسميه حسناً، والأئمة المجتهدون وغيرهم من الجهابذة لا يعملون بهذا الإطلاق، بل يشترطون أن تحصل من تعدد الطرق - مع قوة رواتها - غلبةُ ظن للمجتهد بثبوت الحديث.
فإن لم تحصل هذه الغلبة فلا أثر لتعدد الطرق، وإن كثرت.
والمتأخرون يعرفون هذا الشرط، ولكنهم كثيراً ما يتغافلون عنه، وربما توهم أحدهم أنه قد حصلت له غلبة ظن؛ وإنما حصلت له[أي غلبة الظن] من جهة موافقة ذلك الحديث لمذهبه أو لمقصوده؛ والله المستعان).
بل إن في (الصحيحين) أو أحدهما أحاديث قد انتقدها الحفاظ، مثل حديث البخاري{حدثنا محمد بن عثمان حدثنا خالد بن مخلد حدثنا سليمان بن بلال حدثني شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن عطاء عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " إن الله قال: من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب؛ وما تقرب إليَّ عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه؛ وما يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أُحِبَّه؛ فإذا أحببُته كنتُ سمعَه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها؛ وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه؛ وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن، يكره الموت وأنا أكره مَساءته " }.
فهذا الحديث قد تكلم فيه الذهبي في (الميزان) في ترجمة خالد بن مخلد؛ وخالد بن مخلد قال فيه الإمام أحمد: له أحاديث مناكير؛ وقال ابن سعد: كان متشيعاً منكر الحديث في التشيع مفرطاً، وكتبوا عنه للضرورة[قلت: أي كتبوا عنه غرائبه التي لم يجدوها عند غيره، لحاجتهم إلى معرفتها، فكتابتها تفيد تحصيلها ومعرفتها، وذلك إذا انتهى التحقيق إلى قبولها ولو في الجملة، وهو بناء على عدم الجزم بحاله وعلى احتمال أن يظهر أنه قوي الحديث مقبوله؛ أو تفيد تحقيق أو تأكيد ضعفه، وذلك فيما إذا قامت القرائن على ترجيح ضعفه؛ فهذا القول من ابن سعد قريب من قول أبي حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به].
وقال صالح جزرة: كان ثقة في الحديث، إلا أنه كان متهماً بالغلو.
وقال ابن أعيُن: قلت له: عندك أحاديث في مناقب الصحابة؟ قال: قل لي: في المثالب، أو المثاقب!
وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به؛ وذكره الساجي والعقيلي في الضعفاء؛ وقال ابن معين: ما به بأس.
وحاصل القول فيه: أنه صدوق يهم ويخطئ، ويأتي بالمناكير، ولا سيما في التشيع، فإنه كان غالياً[في المطبوعة غالباً]فيه؛ ومثل هذا يُتوقف عما انفرد به، ويردّ ما انفرد به مما[في المطبوعة بما]فيه تهمة تأييد لمذهبه؛ وقد تفرد بهذا الحديث كما ذكره الذهبي وكذا الحافظ ابن حجر في مقدمة "الفتح"؛ وفي هذا الحديث تهمة تأييد مذهب غلاة الرافضة في الاتحاد والحلول، وإن لم ينقل مثل ذلك عن خالد؛ وقد أسندت إلى هذا الحديث بدع وضلالات تصطك منها المسامع؛ والله المستعان.
وفي سنده أيضاً شريك بن عبد الله بن أبي نمر، وحاصل كلامهم فيه أنه صدوق يخطئ.
وقال الحافظ في (الفتح) بعد أن نقل كلام الذهبي[أي في الحديث وراويه خالد] والكلام في شريك: (ولكن للحديث طرق أخرى يدل مجموعها على أن له أصلاً) (فتح الباري) ج11 ص270.
ثم ذكر الحافظ تلك الطرق، وعامتها ضعاف؛ إلا أنه ذكر أن الطبراني أخرجه من طريق يعقوب بن مجاهد عن عروة عن عائشة، وأن الطبراني أخرجه عن حذيفة مختصراً، قال: وسنده حسن غريب.
أقول: أما رواية حذيفة، فمع الغرابة، هو[يعني الحديث] مختصر؛ وكأنه ليس فيه تلك الألفاظ المنكرة؛ وينبغي[أي مع ذلك] النظر في سنده[أي فلا يكفي الاعتماد على تحسين الحافظ] فإن الحافظ ربما تسامح في التحسين.
وكذا ينبغي النظر في سند الطبراني إلى يعقوب بن مجاهد، فأخشى أن يكون فيه وهم، والمشهور رواية عبد الواحد بن ميمون عن عروة، وعبد الواحد متروك الحديث.
وبالجملة فاقتصار الحافظ على قوله (إن تلك الطرق يدل مجموعها على أن له أصلاً) ظاهر في أنه ليس في شيء منها ما يصلح للحجة، ودلالة مجموعها على أن له أصلاً لا يكفي[في] إثبات هذه الألفاظ المنكرة.
ولا يدل إيراد هذه الألفاظ[على] ما يزعم الملحدون[يعني المشبهة المجسمة، أو الطاعنين في الإسلام أو في السنة أو في (صحيح البخاري) بمثل هذا الحديث].
[فإن قيل]: لِم ذكر[البخاري] هذا الحديث في (صحيحه)؟ وهذا من المهمات[كذا، ولعل الصواب(وغيرَ هذا من المشتبهات)أو نحو ذلك]،[قيل: إنما رواه وأراد به معنى صحيحاً] فإن كثيراً من الأئمة قد يقبل الحديث لأنه يحمله[في الأصل يتحمله] على معنى له شواهد وعواضد، بمعونتها يستحق[في الأصل ليستحق] القبول، فيجيء بعض الناس[فـ]يحتج بالحديث على معنى منكر، قائلاً: قد قَبِله فلان من الأئمة! فليتنبَّه لهذا.
ومما ينبغي التنبه له أيضاً أن الشيخين – أو أحدهما – قد يوردان في (الصحيح) حديثاً ليس بحجة في نفسه، وإنما يوردانه لأنه شاهد لحديث آخر ثابت؛ ثم قد يكون في هذا الحديث - الذي ذكراه شاهداً - زيادةٌ لا شاهدَ لها؛ فيجيء مِن بعدهما[في الأصل (بعدها)] مَن يحتج به بالنسبة لتلك الزيادة؛ وربما حمل[أي ذلك المحتجُّ] الحديثَ على معنى آخر غير المعنى الذي فهمه صاحب (الصحيح) و[الذي] بنى[أي صاحب الصحيح] عليه أنه شاهد للحديث الآخر.
****************************** *****
ومن أهل زماننا وما قرب منه من يترقى فيذكر الراوي وبعض ما قيل فيه من جرح أو تعديل، ولكن كثيراً منهم أو أكثرهم يكون زمامه بيد الهوى، فإن كان الحديث موافقاً له نقل ما قيل في الرجل من الثناء وأعرض عما قيل فيه من الجرح؛ وإن كان مخالفاً لهواه نقل ما قيل فيه من الجرح وسكت عن الثناء؛ وأكثرهم ليس عندهم من التبحر في العلم وممارسة الفن ما يؤهلهم للترجيح ومعرفة العلل.
وأعظم ما عند أحدهم أن يتمسك بظاهر قاعدة من قواعد الفن؛ فإن كان الحديث موافقاً تمسك بقولهم: إن الجرح لا يقبل إلا مفسراًً، أو: إن كلام الأقران بعضهم في بعض لا يلتفت إليه، أو إن المتصلب في مذهب يجب التأني في قبول كلامه في أهل المذهب الآخر؛ أو نحو ذلك.
وإن كان مخالفاً له تمسك بقولهم: الجرح مقدم على التعديل، ونحوها.
فأما جهلهم بالعلل فحدث عنه ولا حرج؛ وغاية أحدهم أن ينقل عن بعض أهل العلم تعليل الحديث، أو يتنبه هو للعلة، إن تنبه؛ ثم يعمل في ذلك عمله في الجرح والتعديل، فإن كان الحديث موافقاً له تمسك بقولهم: المثبت مقدم على النافي، أو: زيادة الثقة مقبولة، أو: إن من الأئمة من يقبل المرسل والمنقطع مطلقاً، أو: إن تصحيح بعض العلماء للحديث يدلُّ أَنَّهُ علِمَ أن المدلس قد سمع الحديث ممن عنعنه عنه، أو يدل أن الراوي سمع هذا الحديث من شيخه قبل الاختلاط.
وإن كان مخالفاً له قال: إن النافي كان أحفظ من المثبِت، والساكتين جماعة والذي زاد واحد؛ وأعَلَّ بالإرسال والانقطاع وبعنعنة المدلس واختلاط الشيخ، ولم يعرّج على ما يخالف ذلك، أو أشار إليه[يعني إلى المخالف] ونقل ردَّه عن بعض العلماء، وهكذا.
وهذه القواعد منها ما هو ضعيف ومنها ما ليس بكلي ومنها المختلف فيه.
والعالم المتبحر الممارس(1)[يحقق القواعد ويُعمل كل قاعدة في الموضع اللائق بها وإنما يُعملها بالقدر الذي يقتضيه الحال، من غير إسراف ولا تفريط، مع مراعاة كل تعلقات القواعد الأخرى وتأثيراتها، ومع العدل والتثبت والتأني؛ والله الموفق والمستعان].
وبالجملة فمن أراد الاحتجاج بالحديث لا يستغني عن النظر في إسناده، بعد أن يكون له من المعرفة ما يؤهله لهذا الأمر؛ وإلا أوشك أن يضل أو يُضل؛ والله الموفق(2).
-------------------------------------------------------
(1)انتهت هنا صورة آخر صفحة من الصفحات الست التي صورها محقق الكتاب في مقدمته، وأحسبها آخر صفحة وجدت من صفحات القسم الأول من مخطوطة الكتاب؛ ولقد اجتهدت في إكمال معنى العبارة بما أراه أقرب إلى مقصود المؤلف، ووضعت التكملة بين حاصرتين؛ وانظر التنبيه الثاني، الآتي قريباً.
(2) هذه الجملة الأخيرة المكتوبة باللون الأحمر كانت خاتمة القسم المطبوع، فأخرتها أنا هنا إلى هذا الموضع، لتكون خاتمة المبحث كله، فهذا تصرف مني، فليعلم ذلك.
"
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛ ؛؛؛
تنبيهان:
التنبيه الأول:
كل ما هو موضوع بين حاصرتين مربعتين، فزيادة مني، والزيادات أنواع:
النوع الأول: يقتصيه السياق.
النوع الثاني: يقتضيه الإيضاح أو رفع الإشكال ودفع الاشتباه.
النوع الثالث: تنبيه على تصحيف ونحوه، وهذا النوع الثالث يليق أن يوضع في هامش المقالة، ولكني آثرت وضعه في المتن مع تمييزه عن الأصل.
التنبيه الثاني:
القسم الأخير من الفصل، وهو المكتوب بخط مكبّر، سقط من مطبوعة الكتاب! وإنما نقلته من صورة لهذا القسم، وضعها محققه في مقدمته (ص28-29)؛ فإنه صوّر في مقدمة الكتاب ست صفحات من مخطوطته، وهي الأربعة الأولى، والأخيرتان؛ وهذا القسم الذي استدركته هو الصفحة الأخيرة وأكثر التي قبلها؛ والحمد لله.
"
ملتقى اهل الحديث